المشترك المشاكس
April 8, 2017 Leave a comment
يأمل كل مدرب ان يتم دورتة كما خطط لها وتمرن عليها عدة مرات حتي وصل الي مرحلة التشبع من حيث اختيار فكرة جاذة للجمهور وتدعيمها بحقائق ومعلومات مثيرة ومفيدة لجذب انتباه المشتركين اثناء التقديم. يحرص معظم المدربين علي اختيار شرائح عرض مناسبة للموضوع لتتكامل مع اسلوب المدرب في تقديم وتوصيل الاهداف الرئيسية للدورة. ويطعم المدربين دوراتهم بمعلومات نادرة او مثيرة لجذب انتباه المشتركين، وعادة تكون هذه المعلومات من مصادر معروفة وموثقة.
احاول تقديم الافضل في جميع دوراتي لجذب انتباه المشتركين. ومن افضل طرق قياس نجاح الدورة يكون بانتباه المشتركين لما يدور في الدورة وعدم انشغالهم في الامور الاخري. اغلب المدربين يشتكي من انشغال المشاركين بهواتفهم الذكية اما بالتواصل في مواقع التواصل الاجتماعي او بالرد علي البريد الاكتروني او تحديد وقت ومكان التجمع لمشاهدة مباراة كرة القدم لمساء ذلك اليوم. اما السيدات من المشتركين في الدورة فيغلب انشغالهم بتدبير امور عوائلهم واعطاء الارشادات والاوامر لمدبرات المنزل علي امل ان يتم تنفيذ نصفها او ربعها بالطريقة التي تتخيلها سيدة المنزل.
في كل دورة يتميز احد المشاركين باعطاء معلومات ليبين للمشاركين والمدرب مدي معرفته بمحاور الدورة. ويتميز مشارك اخر بالقاء الطرائف والقصص الضريفة او الغير ضريفة في بعض الاحيان لتغيير الجو العام للدورة. وهناك دائما مشارك لايعلم لماذا شارك في الدورة وايضا لا يريد للاخرين ان يستثمرون وقتهم في الاستفادة من الدورة. يمكن التعامل بسهولة مع هذه الاصناف من المشاركين ولكن في بعض الاوقات يحضر الدورة مشارك مشاكس يجمع في شخصيته جميع الصفات السلبية التي تم ذكرها سابقا ويكون التعامل معه تحدي آخر للمدرب مضاف الي تحدي تنفيذ الدورة بالطريقة التي تم التخطيط لها.
في احد الدورات صادفت المشترك المشاكس الذي يجمع المواصفات السلبية التي تم ذكرناها سابقا وتفوق في تنفيذها علي جميع من سبق من تعامالت معهم من المشتركين. قام هذا المشارك الذي سوف نسمية احمد لنخفي شخصيته منعا للاحراج بجميع الاعمال التي لا يتمنها المدرب في دورته. ابتدأ احمد بالجلوس في اقرب كرسي للمدرب والتزم بالهدوء ما عدي الترحيب بالمدرب والمشتركين الذين حوله. بدأت برنامج الدورة بالترحيب بالحضور والشروع باحد طرق كسر الجمود مع المشتركين. قام احمد بسرد احد الاحداث التي مر بها في حياة المهنية، وبين اخطاء الاخرين الذين تسببوا باحراجة وكيف انه كان يتميز بالعقلانية والصبر اثناء التعامل معهم. كانت قصة احمد مشوقة لحدٍ ما ولكن لم تمت لموضوع الدورة بصلة. لم يعلق المشتركين علي قصة احمد ولكني شكرته علي مشاركته القيمة. سارع احمد بالسؤال عن صحة تصرفه مع الشخصيات التي بالقصة فاجبتة بحسن تصرفة وحكمتة في التعامل مع الاخرين.
بعد فقرة كسر الجمود بدأت بمقدمة البرنامج وبيان ما سوف تتضمنة الدورة من معلومات ومهارات. في هذه الاثناء ابتدأ احمد بالحديث مع الشخص الجالس بجنبة الذي تبين لاحقا بانه زميلة بالعمل. الحديث كان بصوت منخفض نسبياً ولكن كان مصدر ازعاج لي كمدرب في الدورة لسببين. اولًا، الحديث الجانبي يعتبر عدم اهتمام لما يقدمه المدرب من معلومات مالم يكون الحديث الجانبي مناقشة قيمة لما قدمه المدرب من مهارات وحقائق. ثانيا، الحديث الجانبي يلهي المشتركين عن الانصات لما يدور في الدورة فيضطرون للطلب من المدرب اعادة ما تم شرحة من قبل.
لجلب انتباه احمد ومنعه من الهاء الاخرين اقتربت منه اثناء تحدثي الي باقي المشتركين. وبهذه الطريقة اصبح صوتي اعلي من همسات او كلمات احمد لزميلة فتوقف عن الحديث. وايضا شعر احمد بالحرج لعدم انتباهه لما يدور في الدورة. نجح هذا التكنيك في ايقاف احمد عن الكلام. ولكن يجب علي المدرب استخدام المساحة المتاحه له والتحرك من جهة الي اخري حتي يضفي الحيوية والنشاط لما يقوله ويشد انتباه الاخرين باستخدام لغة الجسد. عاود احمد حديثة بعد ابتعادي عنه فتعمدت الالتفات في اتجاهة عندما ابتعد عنة حتي يشعر بان اتحدث الية شخصياً علما باني كنت اوجه حديثي للجميع.
نجح التكنيك السابق باحتواح احمد والتقليل من احاديثه الجانبية. ولكنه لم يستطيع توقيف نفسة عن التحدث مع زميلة بين الفتره والاخري. عمدت الي مقاطعة احمد بسؤاله عما يدوره بينهم من حديث فاعتذر عن عدم الانتباه والانشغال بالحديث الجانبي. بعد عشرة دقائق تحدث احمد مع زميلة واطال الحديث فسئلته عن موضوع النقاش فاسترسل بشرح وجهة نظرة عن الفكره المطروحة في الدورة والتي تم شرحها اثناء انشغالة بالحديث مع زميلة. شكرته علي السؤال وبينت ان الفكرة تم شرحها اثناء التهائة بالحديث الجانبي ولكني اعدت شرحها للجميع مره اخري حتي يستفيد احمد والاخرين. بينت بعد الشرح ان اذا اي مشترك لدية اي استفهام او مشاركة فعالة في الدورة فعليه توجية السؤال الي مباشرة. اما اذا كان الحديث الجانبي في موضوع آخر فيفضل تأجيل الحديث عنه حتي الاستراحة القادمة.
شعرت بان احمد يمتلك فائض من طاقة وان علية ان يخرجها بالكلام. عندما شعر احمد بعدم قدرته علي الحديث مع زميلة الذي بجانبة، والذي يبدو لي انه كان يستميع بالحديث معه، توجه احمد بالقاء الأسئلة لي وللمشاركين بالدورة. اغلب اسئلة احمد كانت تلامس اطراف محاور الدورة وبعضها لم تكن ذات علاقة بموضوع الدورة بتاتا. كانت بعض الاسئلة موجة لي كمدرب للاجابة عليها، اما بعض الاسئلة كانت موجة للمشاركين للمشاركة بالنقاش. باقي الاسئلة كانت مجرد شكاوي عامه عن الوضع في العمل او معلومة مغلفة بشكل سؤال.
علي المدرب التعامل مع جميع الاسئلة المطروحة في الدورة لان تجاهل الاسئلة يعتبر ضعف في قدرات ومعلومات المدرب بالاضافة الي شعور السائل بعدم الاهتمام او عدم الاحترام في بعض الحالات. كنت اجيب بحرفية علي الاسئلة المتعلقة ببرنامج الدورة واوجه الاسئلة الاخري الي المشتركين حتي يتفاعلون مع برنامج الدورة ويشاركون في تقديم اقتراحاتهم وخبراتهم للآخرين. كنت اجيب علي الاسئلة الموضوعية بمعلومات جديدة لم استطيع اضافتها الي منهج الدورة. اعدت صياغة بعض الاسئلة الغريبة التي سئلها احمد للمحافضة علي الموضوعية في النقاش. فعندما يلقي احمد سؤال الي المشتركين ويكون هذا السؤال يخدم موضوع النقاش او موضوع الدورة ابادر سريعا بالقول: “سؤال ممتاز ولو يسمح لي احمد باعادة صياغتة الي “…..”. بهذه الطريق استطعت السيطرة علي اتجاة النقاش واحتواء طاقات احمد المتدفقة بدون تحكم وايضا اثرت موضوع نقاش مهم لموضوع الدورة.
استمر احمد بالاسئلة والاحاديث الجانبية حتي اقتربت منه وهمست له بالتوقف عن الحديث الجانبي الذي يلهيه ويلهي الاخرين عن موضوع الدورة. لم يتفاجأ احمد ولم يشعر بالحرج ولكنه توقف لفتره طويل عن التحدث مع زميلة واكتفي بمشاركتة وتفاعلة مع المشتركين وطرح الاسئلة الموضوعية والغير موضوعية. انتهج احمد اسلوب جديد لتفريق طاقاته بالتعليق علي المعلومات التي انقلها الي المشتركين. فتارة يصحح المعلومات! وتاره يشكك بمصداقية مصدر المعلومة التي تسند الفكرة المقدمة للمشتركين. اذا لم يجد احمد ما يعلق عليه فيكتفي بالموافقة علي كلامي وكانه يحمل اختام الموسوعة البريطانية.
مدة الدورة كان خمس ساعات ولكنها مرت وكانها خمس اسابيع بسبب الجهد المبذول للسيطرة علي مداخلات احمد بدون التاثير علي القيمة المقدمة للمشتركين في الدورة. وبعد الدورة اخذت بالتفكير:
- هل سمحت لأحمد بالتمادي في الحديث الجانبي ام ان تصرفة كان طبيعي كاي مشارك بالدورة؟
- هل كان يجب علي الطلب من احمد التخفيف من الاسئلة حتي يتيح الفرص للاخرين للمشاركة في السؤال؟
- هل اعادة صياغة السؤال حق من حقوق المدرب للمحافضة علي موضوعية الدورة ام يعتبر تقليل من شأن السائل؟
- هل الهمس بالقرب من احمد للتوقف عن الحديث الجانبي يعتبر احراج له امام المشاركين الآخرين؟
- هل هناك طريقة اخري افضل للتعامل مع احمد وامثاله؟
Recent comments